بقلم :احمد معمور عسيري
بمجرد بدء شهر رمضان المبارك تتغير خريطة القنوات الفضائية تماما!! فتنهال فوق رؤوسنا شلالات المسلسلات والبرامج والمسابقات والاعمال – الهابطة والتافهة !! وكأن هذا الشهر هو الوحيد ضمن اشهر العام كله الذي يشاهد فيه الناس التلفاز!! وكأن رمضان هو الاحتفال السنوي ببانوراما الانتاج الفني, حتى اصبح المرء اسيرا للتلفاز بكافة قنواته, يتابع مسلسلا ثم ينتقل الى اخر, ثم يغير لقناة اخرى ويتابع مسلسلا اخر, وهكذا حتى يكتشف – بعد فوات الاوان – ان شهر الغفران والعتق من النار ضاع في متابعة الافرازات التلفازية.
وطوال الشهور التي تسبق شهر الرحمة يحشد كل الممثلين والمنتجين والمخرجين والفنيين وكل من له علاقة بالفن, كل مجهوداتهم وطاقاتهم وقدراتهم وميزانياتهم, ليتسابقوا ويتنافسوا في سباق محموم, لاخراج وتنفيذ اكبر قدر من الاعمال والمسلسلات ثم بدءا من 1 رمضان تصب اكثرمن 850 قناة انتاجها في عقول وقلوب الناس!! كأن رمضان صار شهر مسلسلات تلفزيونية, وليس شهر العبادات والقرآن والرحمة والمغفرة والعتق من النار!!
لكم ان تتخيلوا, مسلسلات وتفاهات متتابعة متسلسلة بعضها يجر بعضا (وبعضها وصل الى الجزء الثاني والثالث والعاشر!!) وعلى مدى الـ24 ساعة يوميا!! وكل فرد من الاسرة يتابع ما لا يقل عن 5 و 6 مسلسلات يوميا, عدا غيرها من الاعمال والبرامج (الرمضانية!!) التافهة!! والغرض منها واضح وهو الهاء المسلمين عن دينهم وصرفهم عن العبادات والفرائض والطاعات.
فبالله متى يصلي الفرائض, والتراويح, والتهجد, ويقيم الليل, ويذكر الله, ويقرأ القرآن, ويؤدي الصدقات, ويبر الاقارب, ويزور المريض, ويستشعر بجوع والام وحاجات الفقراء والمساكين والجوعى, ويتقرب الى الله بالطاعات والعبادات في هذا الشهر المبارك!!
السلف رحمهم الله كانوا يدعون الله تعالى 6 اشهر حتى يبلغهم رمضان, فاذا بلغوه اجتهدوا في العبادة فيه غاية اجتهادهم, ثم دعوا الله سبحانه 6 اشهر اخرى ان يتقبله منهم, اما اصحاب الفضائيات في زماننا فإن معظمهم يستعد لرمضان قبل مجيئه بستة أشهر بحشد أفلام واغان ومسلسلات للعرض في ايام وليالي رمضان.
وقد تمادت هذه القنوات في عروضها, فلا رقيب ولا حسيب عليها فلا يخفى على احد ان بعض هذه الاعمال – مليئة بالفتن والاثارة والاغراء والجريمة والعنف, وكل ما يخدش الحياء ويدنس العرض والخلق ويفسد الدين!!
ولاشك ان المستفيد الاول من هذه المسلسلات هم: منتجو هذه الاعمال, والذين يحصدون ملايين الدولارات من بيعها للقنوات الفضائية, والتي تحصد الملايين مقابل الاعلانات التي تعرضها اثناء المسلسلات, ثم الشركات والمؤسسات التجارية, والتي تستفيد من خلال ترويج سلعها الكاسدة.
والخاسر الوحيد في هذا الشهر الفضيل, من خرج منه دون ان يغتنم من خيره ويعتق من النار! انها فرصة لا تاتي الينا الا مرة واحدة في العام, فلنغتنم هذه الفرصة هذا العام.. فقد لا تأتينا العام القادم.
فلنجعل هذا الشهر كله لله, لنفوز برضا الله عز وجل والجنة, فلنعمره بالصلاة والتهجد وذكر الله والقرآن والزكاة والصدقات والطاعات.. وباذن الله تكون تلك انطلاقة منا لتكون ديدننا في بقية العام وليس رمضان فقط.